رفع بنك إسرائيل المركزي توقعاته للنمو الاقتصادي للعام المنصرم 2016، إلى 5ر3%، وهي المرّة الثانية التي يقرر فيها رفع التوقعات، على ضوء سلسلة من التغيرات في الاقتصاد الإسرائيلي، التي أدت إلى رفع التوقعات من 4ر2% قبل نحو نصف عام، إلى هذه النسبة الجديدة التي تعد "ايجابية". كما أعلن البنك أنه لا يتوقع رفع الفائدة البنكية التي تلامس الصفر، قبل الربع الثالث من العام الجاري الجديد، برغم رفع البنك الفيدرالي الأميركي الفائدة البنكية إلى 25ر0% بعد جمود دام قرابة عشر سنوات.

وبحسب تقديرات البنك المركزي فإن الأوضاع الاقتصادية القائمة، والسعي لتحفيز النمو الاقتصادي، لا يسمحان برفع الفائدة البنكية الأساسية التي يطرحها البنك وهي 1ر0%. وحسب التوقعات، فإن الفائدة سترتفع فقط في الربع الأخير من العام الجديد إلى مستوى 25ر0%، بينما سترتفع حتى نهاية العام المقبل 2018 إلى 5ر0%. ولا يذكر الاقتصاد الإسرائيلي جمودا كهذا في الفائدة البنكية، على الاقل في العقود الثلاثة الأخيرة، إذ أن الفائدة الحالية قائمة منذ 21 شهرا، وحسب تقديرات البنك فإن أول تعديل لها سيكون بعد أن يمر عليها أكثر من 30 شهرا.

ويذكر أن بنك إسرائيل كان قد توقع العودة إلى رفع الفائدة البنكية في الربع الأخير من العام المنصرم- 2016، إلا أن هذا لم يتم، ما يعني أنه في حال استمرت الأوضاع الاقتصادية الحالية فإن البنك قد يبقي على الفائدة الحالية إلى ما بعد نهاية 2017. وأحد الاسباب التي تدفع البنك إلى الابقاء على فائدة منخفضة هو سعر صرف الدولار، الذي يراوح عند معدل منخفض نسبيا في الأشهر الأخيرة، ما بين 8ر3 إلى 85ر3 شيكل، وهذا سعر صرف يتسبب بخسائر لقطاع الاستيراد، إذ تشير تقارير أولية إلى أنه بفعل ارتفاع قيمة الشيكل أمام الدولار، فإن صادرات البضائع والخدمات سجلت في الربع الأخير من العام الماضي ارتفاعا بنسبة 3% "فقط".

ويواصل بنك إسرائيل شراء الدولارات، وهي السياسة القائمة منذ العام 2008، حينما كان احتياطي البنك من العملات الأجنبية في حدود 28 مليار دولار، أما اليوم، وبعد شراء قرابة نصف مليار دولار في الشهر الماضي، الأخير من العام 2016، فإن الاحتياطي بات يتراوح ما بين 91 إلى 92 مليار دولار.

ويرى محللون أن بنك إسرائيل المركزي لن يسارع إلى مجاراة البنك الفيدرالي الأميركي، الذي قرر رفع الفائدة البنكية في الشهر الماضي، بل سيبقي على الفائدة الحالية، آملا أن يقود هذا إلى رفع قيمة الدولار أمام الشيكل.

النمو والتضخم

وكما ذكر، فإن بنك إسرائيل يتوقع أن يسجل النمو الاقتصادي في العام المنصرم 2016 نسبة 5ر3%، وهذا الارتفاع الثالث منذ ستة أشهر لتقديرات النمو. وقد كان في تقديرات البنك في منتصف العام الماضي أن يكون النمو 4ر2%، وهي نسبة أقرب إلى الركود، بعد الأخذ بعين الاعتبار نسبة التكاثر السكاني- 2%. ثم رفع البنك تقديراته في شهر أيلول إلى 8ر2%، والآن رفع تقديراته للنمو بشكل حاد نسبيا إلى 5ر3%.

كذلك فقد رفع البنك تقديراته للنمو في العام الجاري 2017 بنسبة طفيفة، من 1ر3% قبل أربعة أشهر، إلى 2ر3% حاليا. وتأتي هذه التوقعات على الرغم من أن البنك يتوقع ارتفاعا طفيفا للصادرات الاجمالية في العام المنصرم بـ2ر2%، وفي العام الجاري بـ9ر2%.

وعلى صعيد التضخم المالي، فبعد أيام قليلة سيعلن مكتب الاحصاء المركزي عن اجمالي التضخم في العام الماضي 2016، وحسب التوقعات شبه المؤكدة فإن اجمالي التضخم سيكون "سلبيا"، بما بين 2ر0% إلى 4ر0%، وهو للعام الثالث على التوالي الذي يتم فيه تسجيل تضخم "سلبي"، بمعنى ما دون صفر بالمئة.

وقد خفض البنك توقعاته للتضخم للعام الجاري من 2ر1% قبل ستة اشهر إلى 1%، وهي نسبة الحد الأدنى لمجال التضخم الذي تطلبه السياسة الاقتصادية القائمة في إسرائيل في سنوات الالفين، وهي تتراوح ما بين 1% إلى 3%.

وقالت محافظة بنك إسرائيل كارنيت فلوغ إن ارتفاع التضخم المالي في العام الجاري مقارنة مع السنوات الثلاث الماضية، قد ينجم عن ارتفاع القوة الشرائية، الناجمة افتراضيا عن ارتفاع معدلات الرواتب، في اشارة إلى ارتفاع الحد الأدنى من الأجر في مطلع العام الجاري إلى 5 آلاف شيكل، وهو ما يعادل 1308 دولارات، بعد أن تم رفعه في شهر تموز الماضي إلى مستوى 4850 شيكلا، بدلا من 4600 شيكل، ما يعني ارتفاع الحد الأدنى من الأجر بنسبة 11% في غضون ستة أشهر. وهذا الارتفاع سيسري على الرواتب التي أساسها أيضا الحد الأدنى من الأجر، وتحصل على علاوات على أساس الأقدمية وغيرها.

البطالة

وفي ما يتعلق بالبطالة، قالت تقديرات البنك إن البطالة ستنخفض إلى معدل 6ر4%، وهي عمليا لا تعد بطالة، إذ أنها في غالبيتها بطالة من ينتقلون من عمل إلى آخر، اضافة إلى من هم في جيل متقدم وقريب من سن التقاعد. غير أن نسبة البطالة الرسمية تواجه منذ سنوات جدلا واسعا حول مدى مصداقيتها، بعد الأخذ بعين الاعتبار نسبة الذين يعملون في وظائف جزئية أو في وظائف متدنية رغما عن ارادتهم.

وقد دلّ تقرير لمكتب الخبير الرئيسي في وزارة المالية، صدر قبل بضعة اسابيع، على أن تغييرا في احتساب البطالة من شأنه أن يضاعف النسبة الرسمية التي احتفلت بها إسرائيل في الأسابيع القليلة الماضية، وهي 7ر4%، إذ أن احتساب البطالة في مكتب الاحصاء المركزي يرتكز على أسئلة عالمية، لا تعكس بشكل حقيقي الواقع الميداني. كما يشار إلى أن قانون الخدمة العسكرية الالزامية يساهم هو أيضا في تخفيض نسب البطالة. وتتجاهل كل هذه التقارير واقع سوق العمل في المجتمع العربي، الذي فيه إقصاء لـ 70% من النساء عن سوق العمل، بفعل سياسة التمييز العنصري.

ويقول تقرير الخبير الرئيسي في وزارة المالية إن معطيات البطالة الإسرائيلية منخفضة مقارنة مع البطالة العالمية، وأيضا مقارنة مع البطالة الإسرائيلية في الماضي، لكن إذا ما جرى احتساب أولئك الذين يئسوا من البحث عن مكان عمل، وهم يعملون في وظائف جزئية، بخلاف إرادتهم، فإن البطالة الرسمية المعلنة ستتضاعف. وحسب التقرير، إذا ما جرى احتساب اليائسين من العثور على مكان عمل، ومعهم أيضا من يئسوا ولكنهم يعلمون بغير إرادتهم في وظائف جزئية، فإن نسبة البطالة ستقفز إلى 6ر10%، بدلا من البطالة الرسمية المعلنة- 7ر4%.

المصطلحات المستخدمة:

الشيكل