رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا في الأسبوع الماضي الالتماسات التي قدمها لها مواطنون أميركان، منهم من يحمل الجنسية الإسرائيلية، لمنع تطبيق الاتفاق الذي أبرم بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، ويجيز نقل معلومات عن حسابات الأميركان في البنوك الإسرائيلية، الذين أغلب الظن أن قسما كبيرا منهم يلجأ إلى البنوك الإسرائيلية لغرض التهرب من دفع الضرائب للخزينة الأميركية.

وقد دخل الاتفاق الذي يتلاءم مع قانون أميركي حيز التنفيذ في الشهر الجاري، أيلول. وهذا من شأنه أن يضع حدا، على الأقل من جهة الأميركان اليهود، للاستفادة من القانون الإسرائيلي، الذي تم اقراره في العام 2003، بمبادرة من كان في حينه وزيرا للمالية، بنيامين نتنياهو، وجرى تمديده في العام 2008 إلى عشر سنوات أخرى، والذي يمنح المهاجرين اليهود إلى إسرائيل، وحتى الإسرائيليين الذين هاجروا قبل سنوات وعادوا إلى إسرائيل، اعفاء من دفع الضرائب عن كل نشاطهم الاقتصادي في الخارج لمدة عشر سنوات، حتى وإن كان الأمر متعلقا ببيع عقارات وأعمال في الخارج وما شابه، وهذا أحد الأنظمة التي سنتها إسرائيل في السنوات الأخيرة بحثا عما يسمى "الهجرة النوعية"، بمعنى استقدام مهاجرين يهود من ذوي الامكانيات المالية والعلمية.

وجعل هذا القانون الكثيرين من كبار المستثمرين من يهود العالم يرون في إسرائيل "دفيئة لمتهربي دفع الضرائب"، بحسب سلسلة من التقارير الإسرائيلية والعالمية، ومن أبرزها تقرير لمجلة "الإيكونوميست" قبل أكثر من عام، وأيضا تقرير لصحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية وغيرها من الصحافة الاقتصادية.

وكان للبنوك الإسرائيلية الباع الأكبر في استيعاب متهربي الضرائب، وحسب تقارير إسرائيلية فإن الأثرياء اليهود الذين تلقوا قبل سنوات ضمانات بعدم الكشف عن حساباتهم، المسجلة تحت أسماء مستعارة، ولربما أيضا تحت أسماء شركات وهمية، يهددون بمقاضاة البنوك، لخرقها الاتفاقيات، إلا أن تلك الاتفاقيات تتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية، ما يجعل ادعاءاتهم ضعيفة.

وتكشفت في بدايات العام الماضي- 2015- مسألة ملاحقة السلطات الأميركية لثلاثة بنوك إسرائيلية، أولها في الملاحقة، البنك الثاني في إسرائيل، بنك ليئومي، بسبب تستره على متهربي ضرائب أميركان يهود، في فروع البنك في الولايات المتحدة الأميركية وفي أوروبا، وانتهت الملاحقة بإبرام اتفاق يقضي بأن يدفع البنك غرامة بقيمة 270 مليون دولار. والبنكان الآخران هما "هبوعليم" أكبر البنوك الإسرائيلية، و"مزراحي طفاحوت"، البنك الرابع من حيث حجمه من بين البنوك الإسرائيلية.

وقال مجلة "الإيكونوميست" الاقتصادية في تقريرها المذكور، إن إسرائيل باتت الملعب الخلفي لحيتان مال، أو لمن يطلق عليهم "الطغمة المالية" من يهود العالم، الذين يجدون في إسرائيل ملجأ لهم للتهرب من الضرائب، كذلك من بينهم من يبحث عن ملجأ أمني، وفق وصف المجلة بالنسبة لبعض الأثرياء اليهود، وتشير إلى أن ثمة منهم من يسعى إلى شراء سياسيين إسرائيليين.

وقالت "الإيكونوميست" إن السلطات الإسرائيلية تمنح حيتان المال اليهود في العالم "استقبالا دافئا"، برغم التخوفات من أنهم يدفقون أموالا على إسرائيل من أجل تبييض الأموال.

وأشارت المجلة إلى أن الكثير من حيتان المال اليهود في العالم يشترون قصورا، أو حتى بنايات ضخمة، ويحولونها إلى مقرهم الرسمي، بعشرات ملايين الدولارات، للمبنى الواحد، رغم أن كل واحد من هؤلاء الأثرياء لا يمضي في إسرائيل ما مجموعه بضعة أسابيع سنويا. كما أن توغل حيتان المال أولئك في قطاع العقارات الإسرائيلي، ساهم هو أيضا في رفع أسعار البيوت في إسرائيل في السنوات الأخيرة.

المصطلحات المستخدمة:

بنيامين نتنياهو