المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

رأت صحيفة "هآرتس" في مقال افتتاحي أنشأته غداة اعتقال الشيخ رائد صلاح، رئيس الجناح الشمالي المحظور في الحركة الإسلامية في إسرائيل، بتهمة التحريض، الأسبوع الفائت، أن هذا الاعتقال يثبت أن صلاح يشكل في نظر إسرائيل هدفاً مؤشراً عليه بصورة مسبقة.

 

وجاء في هذا المقال الافتتاحي: وفقاً لما قالته الشرطة الإسرائيلية ألقى الشيخ صلاح موعظة في جنازة الشبان الثلاثة من أم الفحم الذين نفذوا الهجوم في الحرم القدسي في الشهر الماضي أثنى فيها على ما حدث، وحرّض كذلك على خوض "حرب من أجل الحرم القدسي". وهذا الكلام قيل قبل شهر، وخلال هذه الفترة الزمنية كان في استطاعة صلاح الاستمرار في تحريض الشباب المسلمين ودفعهم إلى القيام بهجمات. لذا، فإن التأخير في اعتقاله يثير الاستغراب. فإذا كان قد حرّض، يبدو أن الشرطة لم تعتبر كلامه تهديداً واضحاً ومباشراً لأمن الدولة. ولو كان الأمر غير ذلك لكانت الشرطة سارعت إلى اعتقاله.

وتابعت: لكن صلاح تحول منذ زمن إلى هدف مؤشر عليه مسبقاً. فقد طالب وزير الدفاع ووزراء آخرون في الشهر الماضي بتوقيف صلاح توقيفاً إدارياً، هذا الطلب رفضه المستشار القانوني، الذي أوضح أن كلام صلاح لا يشتمل على تحريض على العنف. كما أن قاضي محكمة الصلح في ريشون لتسيون القاضي مناحيم مزراحي الذي درس طلب الشرطة اعتقال صلاح، لم يقتنع بأن كل كلامه له علاقة بالتحريض، كما تحفظ من بعض ادعاءات الشرطة قائلاً بأنه يجد في كلامه "تشابهاً مع مراسم دفن لدى ديانة أخرى ولا يعتبر ذلك تحريضاً". لكن على ما يبدو فإن هذه التلميحات المكثفة بشأن إمكانية المس بحقوق صلاح القانونية، لن توقف الشعبويين في الحكومة والكنيست عن شن حملتهم للملاحقة الفورية للمشتبه به.

وأضافت: إن التحريض جنحة ملتبسة وهي عرضة لتفسيرات واسعة، وقدرة تأثيرها على السامعين موضع خلاف. فإذا قررت المحكمة أن كلام صلاح جنحة، فإنه يستحق العقاب مثله مثل أي مجرم آخر. في السابق أمضى صلاح تسعة أشهر في السجن بسبب كلام تحريضي قاله قبل سنوات. ومع ذلك، فإن الذين يريدون إزاحته عن منصة الحياة العامة يرتكبون خطأ إذا كانوا يعتبرون أن ذلك يشكل وسيلة لإزالة التوتر والتهديدات بالمواجهة في الحرم القدسي. وكما أثبت السلوك الفاشل للحكومة في الأحداث الأخيرة، فإن الحرم القدسي مصدر دائم للمواجهات بسبب مكانته الخاصة في نظر المسلمين جميعاً سواء استمعوا إلى كلام صلاح أم لم يستمعوا. إن معالجة المشكلة التي تتعلق بهذا المكان تتطلب حكمة وحساسية وتفهماً، ومن دون ذلك من المتوقع أن تتحول كل خطوة غير مدروسة إلى أزمة دولية.

وختمت الصحيفة: من المحتمل أن يكون صلاح قد استغل الأحداث من أجل تعزيز وضعه، لكن هذا ليس كافياً لتوقيفه بتهمة التحريض. من الأفضل إطلاق سراحه على الفور، وتوجيه الجهود نحو وضع ترتيبات متفق عليها لزيارة الحرم القدسي.

على صعيد آخر نددت جمعية حقوق المواطن ومركز عدالة بقرار المحكمة المركزية في حيفا قبل أسبوعين سحب الجنسية الإسرائيلية من الشاب علاء زيود من سكان مدينة أم الفحم الذي ارتكب عملية طعن ودهس بالقرب من مستوطنة غان شموئيل (شمال إسرائيل) قبل عامين مما أسفر عن إصابة أربعة أشخاص بينهم جنديان بجروح. واستجابت المحكمة بذلك لطلب وزير الداخلية الإسرائيلي آرييه درعي (رئيس شاس). وكانت هذه المحكمة حكمت على زيود بالسجن الفعلي لمدة 25 عاماً.

ووصف بيان مركز عدالة وجمعية حقوق المواطن قرار هذه المحكمة بأنه سابقة قانونية خطرة، وأشار إلى أنه لم يسبق أن قامت أي محكمة إسرائيلية بسحب جنسية مواطن يهودي ارتكب جرائم خطرة وجسيمة. وأكد البيان أنه تم استنفاد الإجراءات القضائية بحق زيود الذي فرض عليه السجن الفعلي 25 عاماً ولذا لا حاجة إلى سحب جنسيته.

كما أكد البيان أن قرار المحكمة ليس بالصدفة حيث أنه لم يسبق أن طلب وزير الداخلية من أي محكمة المصادقة على سحب مواطنة مواطن يهودي رغم ارتكاب بعضهم جرائم خطرة وجسيمة. فلم تتخذ المحكمة المركزية في حيفا نفس قرار المحكمة العليا التي رفضت سحب مواطنة يغئال عمير قاتل رئيس الحكومة السابق إسحاق رابين، وأقرت المسار الجنائي كإجراء وحيد للتعامل مع جرائم جسيمة ارتكبت بحق المجتمع.

وأشار البيان إلى أن قرار المحكمة يخرج عن قواعد ومعايير القانون الدولي الذي يحظر كليا سحب مواطنة أي شخص وإبقائه دون أي مكانة قانونية. وقال إنه تبعا لذلك وردا على قرار المحكمة، سيقوم مركز عدالة وجمعية حقوق المواطن بتقديم استئناف إلى المحكمة العليا.

 

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات